Skip to main content
الجمعة, 01 تشرين ثاني 2024

زهراء دوغان من سجون تركيا إلى متاحف العالم السبت 11 كانون ثاني 2020عدد المشاهدات 1855

وكالة قبس نيوز

إعلان

قبس نيوز 

يقال "رب ضارة نافعة"، هذه المقولة تنطبق على قصة زهراء دوغان التي استغرقت وقتاً طويلاً لقبول الواقع الذي وجدت نفسها فيه، لكن السجن كان بمثابة مدرسة لتطوير فنها.

أفرج عن الرسامة والصحفية زهراء دوغان في 24 شباط الماضي، وتقول: "واجهتني حقائق كثيرة في السجن، فتقبلت الوضع الجديد الذي لم أكن أستطيع تقبله من قبل، اعتبرت من السجن وتعلمت فيه بعض الحقائق، وربما لم أكن لأنجز هذه الأعمال الفنية لولا دخولي السجن".

في فترة فرض حضر التجوال على مدينة نصيبين في كوردستان تركيا، رسمت زهراء دوغان عدداً من اللوحات ونشرتها في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها لوحة لطفل في العاشرة كتب رأيه في العمليات العسكرية، فجوبهت دوغان بتهمة مساندة حزب العمال الكوردستاني واعتقلت من قبل القوات الأمنية.

ألقي القبض على دوغان في 23 تموز 2016، وجرت أولى جلسات محاكمتها في 9 كانون الأول 2016، ولغياب الأدلة أسقطت عنها تهمة "الانتماء لحزب العمال الكوردستاني" وقرر القاضي إطلاق سراحها، لكن في حزيران 2017 حكم عليها بالسجن 33 شهراً بتهمة الترويج لحزب العمال وسيقت إلى سجن العقوبات المشددة في دياربكر.

ثم نقلت في 24 تشرين الأول 2018 إلى سجن العقوبات المشددة في طرسوس وأطلق سراحها في 24 شباط 2019. بعد الإفراج عنها واصلت أعمالها ونشاطاتها الفنية، لتقيم في الأسبوع الماضي معرضاً للوحاتها في متحف (سانتا غويليا بيتش) في إيطاليا لتلفت أنظار عشاق الفن إليها.

عن أعمالها الفنية قالت دوغان لشبكة رووداو الإعلامية إن متحف سانتا غويليا بيتش واحد من أهم معارض إيطاليا وقد عرضت فيه 70 لوحة، وكان مقرراً أن يستمر المعرض شهراً لكن اهتمام محبي الفن وكثرة رواد المعرض أدى إلى تمديد العرض حتى آذار القادم.

تقول زهراء دوغان: "كنت واثقاً من أن أعمالي ستحظى باهتمام، لكن لم أكن أتوقع مثل هذا الاهتمام. اهتم الفنانون والسياسيون والوزراء والشخصيات الأكاديمية كثيراً بمعرضي، وقد أدركت كم أن الإيطاليين مهتمون بالثقافة والفن الكورديين".

استضاف تلفزيون Rai2Tv الإيطالي الرسمي دوغان في لقاء دام 20 دقيقة، وقالت دوغان: "عرضت القناة قبل اللقاء تقريراً عن تاريخ الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة تحدث عن معاناة وآلام الشعب الكوردي، مقدم البرنامج (روبيرتو سافيانو) الشهير الذي ألف كتاباً عن المافيا الإيطالية عرضه للتهديد بالقتل، عبر قبل اللقاء عن انبهاره بنضال الشعب الكوردي".

تقول دوغان إن دار نشر (ساكيرا) الإيطالية المعروفة هي التي تولت طباعة دليل معرضها ونشرت مقالات عدد من الشخصيات الأكاديمية الإيطالية التي تناولت رسوماتها وأعمالها الفنية، وتطرق بعضها لتاريخ الكورد "كان هذا الدليل مهماً جداً بالنسبة إلي، لأن دار النشر هذه تولي اهتماماً كبيراً بالأعمال الفنية لشباب البلد".

أغلب اللوحات التي عرضتها دوغان في إيطاليا كانت قد رسمتها وهي في السجن، وتشير إلى مضامينها بالقول: "قسم من لوحاتي يروي قصص النساء اللواتي تعرفت عليهن في سجن نصيبين، وقسم منها يروي تجربتي. رسمت بعض لوحاتي باستخدام البن، الشاي، الكركم، بقايا الطعام، أغطية الأسرة، الملابس والمناشف. أي أنها كانت خارج إطار المعايير المعمول بها"، وتعزو رسم اللوحات بهذه المواد إلى "الافتقار إلى لوازم الرسم".

تقول دوغان إن لوحاتها كانت سبب إيداعها في السجن، وليس مشاركتها في تظاهرات ولا مواقفها السياسية، وتعتقد أن الغرض من سجنها كان إبعادها عن طرح مواقف سياسية من خلال لوحاتها. لكنها لم تتوقف في السجن "أردت إيصال رسالة وأن أقول إنه رغم الحظر والمنع وضغوطكم يمكنني أن أرسم لوحاتي وأعبر عن مشاعري".

تقول دوغان إنها عندما كانت ترسم في السجن، تعرضت أدواتها للمصادرة عدة مرات، كما أنها رسمت كل لوحاتها سراً، وهربتها إلى خارج السجن: "كنت أحصل على أدوات الرسم سراً، ولافتقاري إلى الأدوات كنت أضطر أحياناً لاستخدام أشياء بعيدة عن معايير الرسم".

كانت الأيام الأولى في السجن صعبة جداً على فنانة كزهراء دوغان، لكنها تجاوزت ذلك بسرعة وقررت مواجهة الواقع: "في أحيان كثيرة نبرر بعض الأمور، فنقول مثلاً لو أننا نمتلك المال لفعلنا كذا وكذا، أو أننا نريد أن نفعل كذا لكن ليس عندنا المكان المناسب، هذه تبريرات لعدم رغبتنا في مواجهة أنفسنا. الظروف التي مررت بها جعلتني أفكر في أمور تخصني وأواجه نفسي، فواجهت الحقائق وتقبلت الوضع الذي لم أكن أستسيغه. ربما لم أتمكن من إنجاز هذه الأعمال لو لا دخولي السجن".

كان للقبض على دوغان أصداء داخل وخارج تركيا، وقد نشرت لوحاتها في لوحات شوارع نيويورك، ووجه كثير من الفنانين رسائل إليها يباركون لها استمرارها في الرسم رغم حبسها. هذه الأمور شجعت دوغان على التمسك بفنها في السجن.

منذ مغادرتها السجن، أقامت دوغان 20 معرضاً، وستبقى في أوروبا فترة للاهتمام بمعارضها، كما أنها تخشى العودة إلى تركيا لأنها تخاف أن تمنع من السفر عند رجوعها إلى هناك. لم تنس هذه الفنانة إقليم كوردستان وتنوي افتتاح معرض فيه في الربيع القادم.

إعلان